Wednesday, April 18, 2007

الإحتفال بالأسرى بتحريرهم

ليسوا مادة مهرجانية

د. عادل سمارة
رام لله المحتلة



ليست هذه كلمة للمشاركة في "هلمَّة" الأسرى. ليس تقليلاً من تضحياتهم ومعاناتهم وأوجاع نسائ
هم وأمهاتهم وبناتهم وأخواتهم وأبنائهم...الخ، وإنما انتصاراً للأسرى ولهؤلاء.
لم تبق مؤسسة رسمية ولا شعبية ولا مؤسسة أنجزة إلا وأشغلت يوم 17 نيسان وشاغلته "بأنشطتها". تحدث البلغاء، وزغردت النساء وصرح الساسة، ورقص الأطفال يحملون الورود ولا يعرفون حقا لماذا! يحمل ابناء الأسرى الورود ولكن لم يسأل أحد نفسه هل تناول هؤلاء الفطور، وإن حصل ماذا؟ وبالمقابل ماذا في معدة رجال السياسة؟ ذوي البذلات والياقات والوجوه التي تقطر حمرة السمنة؟
ولكن، ما غاب عن كل هذا هم الأسرى أنفسهم، ليس لأنهم في معتقلات الصهيونية الممولة من المركز الرأسمالي الغربي، إنما لأنهم غُيّبوا يوم كان يجب ان يكونوا الحضور ألأساسي بعد حق العودة.
وهذا تحد أوجهه لكل من شارك وبارك ونافق وناور في محادثات مدريد-أوسلو وما تلاها. لماذا وقعتم اتفاقات دون تحرير الأسرى؟ إذا كان هؤلاء، ابناء الفقراء واللاجئين والمعدمين بكل تلك القيمة التي تشهرونها اليوم؟
ما قيمة الإحتجاج فيما بيننا كفلسطينيين؟ ما نحتاجه نحن باستمرار هو تعميق حياة المقاومة وقيمها وثقافتها وجمالياتها. أما الإحتجاج للكيان الصهيوني لأنه يحتجز الأسرى، فلا معنى له. فما معنى وجود احتلال إذا كان لا يقتل ويعتقل؟ كان ولا زال وسيبقى وجوب الإحتجاج ضد أكثرية من يحتفلوا، ضد كل من قبل بمدريد ـ وسلو دون تحرير الأسرى، بل دون تحرير الكثير، ولكننا نذكر الأسرى لأن الأمر في اللحظة مخصص لهم.
من الخطورة بمكان أن يسمح الوعي الجمعي، الذاكرة لمن فرطوا بقضية الأسرى أن يكونوا "رواد" هذه التحركات، فكأننا نوفر لهم الغطاء لما ارتكبوه.
من يريد الاستزادة، فليذهب إلى الجزيرة التي كان يُعتقل فيها منديللا، ليجد أنه أُفرغت من كافة المعتقلين قبل قبول راية الاستسلام من قيادة الأبرثايد الأبيض، ولا أبرثايد إلا ابيضاً.
وليذهب إلى الباسك، ويسمع من هيري بتسونا، التي تضع الأسرى في مقدمة المطالب.
لكننا تعودنا على التزلف لمن هو في السلطة حتى لو كان بلا سلطة.
إذن، ليست السلطة وحدها الغارقة في المفارقات، بل الشارع مفارق ايضاً.
حين تسأل وزيرا (بينك وبينه) لماذا لم تفعل السلطة كذا؟ يجيبك: "يا اخي بيني وبينك هو في سلطة او صلاحيات".
لا شك أن الوزير صادق في ما "يهمس" به. ولكن، إذا كنتم بلا صلاحيات ولا سيادة، فما الذي يربطكم بالسلطة؟ لماذا لا ترموا بها في وجوه من أوقعوكم بهواها؟ ما الذي يدفع إمرءاً للتمسك بأمر لا محتوىً له؟ يبقى الأسرى في المعتقل لأنهم أسرى، فهل أنتم أسرى في مواقعكم؟ والطريف، أن من يحسدون أصحاب مواقع أوسلو يتزايدون!
إنما هناك ما يدفع على الصعيد الشخصي والفئوي والحزبي، هناك السلطة (power) ولو في حدود كونها على الناس المحليين، وترجمة هذه السلطة منافع بتعددها.
ما أتمناه من الأسرى ولهم، أن لا يقبلو بمفارقات الخارج ونفاقه. فالنفاق اقل السلع كلفة، واكثرها أربحية. لا جهد فيها ولا مال، لكنها تعطي أموالاً طائلة، هي صناعة بلا مدخلات مادية لكن لها مخرجات مادية هائلة. ربما تحتاج هذه المعادلة إلى "ألعن" من ماركس كي يحللها.

No comments: